لقد تم إقرار حق الاقتراع للرجال قبل
إقراره للنساء بكيفية تدريجية. ولقد كانت ولاية ويومينج (Wyoming) بالولايات المتحدة
الأمريكية أول بلدأعطى حق التصويت للمرأة وأتاح لها الفرصة للمشاركة في الحياة
السياسية كناخبة وذلك سنة 1869، وتم تعميم هذا الحق بموجب التعديل الدستوري التاسع
عشر سنة 1920. وبعد ذلك انتشر هذا الحق في بلدان عديدة خصوصا بعد الحرب العالمية
الأولى الدانمرك (1915)، بريطانيا العظمى (1918)، الاتحاد السوفيتي (1918)، وفي
فنلد ا وألمانيا (1919) وفي السويد (1920)، وأسندت فرنسا هذا الحق للمرأة متأخرة
حتى سنة 1944 أما سويسرا فلم تقر هذا الحق إلى سنة 1971.
أما
في المغرب فقد اعترف للمرأة بهذا الحق سنة 1959 خلال الانتخابات الجماعية (ظهير
أول سبتمبر 1959)، وأقرت بعد ذلك الدساتير المغربية 1962/1970/1972/1992/1996 هذا
الحق حيث جاء في الفصل 8 ما يلي: "الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق
السياسية. لكل مواطن ذكرا كان أو أنثى الحق في أن يكون ناخبا، إذا كان بالغا سن
الرشد، ومتمتعا بحقوقه المدينة والسياسية".
اما دستور 2011 فقد ذهب أبعد في فصله 19 حيث أقرعلى: " أن الرجل
والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية
والثقافية والبيئية الواردة في هذا الدستور...... " وكرست الفقرة الأخيرة من
نفس الفصل مبدأ المناصفة بين الجنسين: " تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة
بين الرجال والنساء.... "
ويرجع
الأصل في استثناء المرأة من حق التصويت إلى اعتبارات كثيرة منها على وجه الخصوص:
الاعتقاد الراسخ في المجتمعات على اختلافها طوال عقود من الزمن بدنو المرأة عن
الرجل، والتصور السائد لتوزيع العمل بين الجنسين في المجتمعات الذكورية حيث تتكفل
المرأة بأمور البيت وبإنجاب الأطفال وتربيتهم بينما يقوم الرجل بممارسة العمل
السياسي والعسكري وتقلد المناصب العامة. وإذا كانت هذه الاعتقادات والخرافات والتصورات
الخاطئة من أصلها والتي لا تستند على أي أسس علمية ما زالت منتشرة في أوساط بعض المجتمعات،
فإن المنطق الديمقراطي الذي أصبح يغزو المجتمعات العصرية أدى حتما إلى تمتيع
المرأة بحق التصويت والمشاركة في الحياة السياسية بالرغم من أن هناك بعض الدول
خصوصا بعض الدول العربية والإسلامية ما زالت تحرم النساء من ممارسة هذا الحق.
سوف نعالج في القسم الأول تطور مشاركة النساء في الانتخابات في المغرب منذ الاستقلال وفي القسم الثاني سوف نركز علىمشاركة المرأة على ضوء دستور 2011 والقوانين التنظيمية الحديثة.
I- تطور مشاركة النساء في الانتخابات منذ الاستقلال
رغم ما نصت عليه الدساتير المغربية الأولى
1962/1970/1972وأكدته العديد من الصكوك والمواثيق الدولية ( لجنة مركز المرأة في 21 يونيو 1946 والإعلان
العالمي لحقوق الإنسان في 10 دجنبر 1948 والعهدان الدوليان للحقوق المدنية
والسياسية وكذلك الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في16 دجنبر 1966) حيث انخرط في عدد من
الاتفاقيات الدولية منها؛ اتفاقيات مؤتمر بكين، واتفاقية القضاء على جميع أشكال
التمييز ضد المرأة (سيداو) سنة 1967 والتي تعتبر أول صك دولي متكامل يتضمن حقوق
المرأة والتي تنص على أن التنمية التامة والكاملة لبلد ما ورفاهيته، وقضية السلم،
تتطلب جميعا أقصى مشاركة ممكنة للمرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع الميادين، إلا أنه لم يشكل حافزا لتمتع النساء بكافة شروط المواطنة، خاصة المساهمة
الفاعلة في تحديد التوجهات الكبرى لمجتمعها عبر مشاركة سياسية حقيقية وفاعلة.
في هذا السياق، فإنه على الرغم من حضور المرأة المغربية الفاعل
في الحياة السياسية حتى قبل الاستقلال وذلك في انخراطها في نضال الحركة الوطنية ضد
الاستعمار، إلا أن أبواب المؤسسة التشريعية ظلت مغلقة في وجهها لعقود. ذلك أن
تنصيص الدساتير المغربية المتعاقبة منذ 1962 على المساواة بين الرجال والنساء في
التمتع بالحقوق السياسي، لم يكن كافيا لوحده لمشاركة النساء في صياغة القوانين
وصناعة القرار، ورغم النضالات المتواصلة للمرأة المغربية التي راكمت من خلالها
مجموعة من المكتسبات الحقوقية في المواثيق الدولية ذات الصلة، والتنصيص على مساواتهن
القانونية مع الرجال في المشاركة السياسية وتدبير الشأن العام، لم تتمكن من الوصول
بسبب العديد من المقاومات إلى مناصب المسؤولية. وبقيت على الهامش السياسي أكثر من
ثلاثين سنة بعد الاستقلال حيث كانت النساء تشكل فقط خزانا للأصوات تدعم به الحقل
السياسي الذكوري.ولقد توجهت النخبة من النساء تحت وطأة الظروف السياسية المتأزمة
التي كان يعيشها في الستينيات والسبعينيات نحو العمل الخيري والاجتماعي والانخراط
في إطار جمعيات رسمية تدعم سياسة الدولة في المجال الاجتماعي وخصوصا في مجال
التخطيط العائلي.
أ-
المشاركة المحتشمة
للمرأة في الحياة البرلمانية
بعد أكثر من ثلاثة عقود ولجت المرأة البرلمان بمقعدين سنة 1993 وكذا سنة 1998و كانا
نصيب المرشحتين "بديعة الصقلي" و "بناني سميرس". ولم تعكس هذه
النتائج المحدودة مقارنة مع الحضور القوي للنساء في الساحة السياسية.ولعل ذلكراجع
لنمط الاقتراع الذي كان معتمدا آنذاك والمتمثل في الاقتراعالأغلبي في دورة واحدة، وكذلك
الوضعية الدنيوية التي كانت نعيشها على جميع المستويات: أمية، فقر وبطالة. كمايمكن
ربط هذا الظهور السياسي المحتشم للمرأة ببروزالإرهاصات الأولى لحركات المجتمع
المدني المغربي بصفة عامة والحركات الاجتماعية المطلبية النسائية بصفة خاصة[1]. حيث
عرفت هذه المرحلة بروز تنظيمات نسوية داخل الأحزاب اليسارية التي أعطتها الغطاء
الشرعي ومنحتها الدعم المالي والإعلامي. وقد استقلت كثير من هذه الجمعيات النسوية
عن الأحزاب وأصبحت لها هوية خاصة بها. وأبانت هذه الجمعيات عن وعيها خلال محطة
أساسية من تاريخ نضالها والمتمثلة في خطة إدماج المرأة في التنمية ومدونة الأسرة
من خلال تأسيس اتحادات وتنسيقيات نسوية على المستوى الوطني وعلى المستوى الجهوي
وذلك بغية خلق جبهة واسعة من أجل دعم الخطة والضغط على صناع القرار. وهكذا تم
إنشاء شبكة لدعم الخطة وجبهة من أجل حقوق المرأة في صيف 1999، وذلك من أجل شرح
مضمون الخطة ومراميها وإقناع الرأي العام بأولوية تحسين وضعية المرأة في جميع
المجالات وأن قضية المرأة هي قضية المجتمع برمته تتطلب حشد جميع قوى البلاد. وهكذا
أصبح موضوع تمثيلية المرأة في المؤسسات المنتخبة شغل الشاغل للمنظمات النسائية وكذا
الدوائر السياسية واتجاهات الرأي العام المختلفة ومؤشرا للتطور الديمقراطي الحاصل
في المغرب.
ب - النقلة النوعية للمرأة في الحياة البرلمانية
لم يكن التحول المهم بخصوص المشاركة السياسية للنساء إلا سنة 2002
والتي عرفت فوز 35 امرأة بمقعد في مجلس النواب، وهي
النقلة النوعية التي جاءت بعد تبني المغرب لنظام "الكوطا" في إطار ما
يعرف بالتمييز الإيجابي لفائدة الفئات الأقل حظا والذي منح النساء بشكل مؤقت آلية
للدعم القانوني والمؤسسي التي تعطي لهن دفعة قوية في الحضور السياسي ، بعد مسار
طويل من الترافع النسائي لفرض وجود المرأة في مختلف مناحي الحياة السياسية جنبا إلى جنب مع الرجل واعتماد نظام الاقتراع النسبي حيث تم تخصيص 10% من مقاعد مجلس النواب
للنساء من أصل 325 مقعدا، الشيء الذي ضمن لهن 30 مقعدا في الانتخابات التشريعية
لسنة 2002 في إطار اللائحة الوطنية، بالإضافة إلى 5 نساء تمكن من الفوز في الدوائر
المحلية منافسة للرجال.
غير أن هذا التحول
النوعي في الحضور النسائي بالمؤسسة التشريعية لم يستثمر جيدا في الانتخابات
التشريعية لعام 2007، حيث تراجع عدد النساء البرلمانيات إلى34 مقعدا، أي 4 نساء فقط تمكن من الفوز في الدوائر
المحلية، وهو ما أثبت أن هذا النظام–الكوطا- الذي كان يفترض فيه تدعيم المشاركة
السياسية للنساء لم يحقق النتائج المرجوة، وأفرغ من جوهره المتمثل في تهيئ مناخ مناسب وتحضير المرأة لتصبح على رأس
اللوائح المحلية، وعدم الاكتفاء باللائحة الوطنية كمدخل أساسي لولوج المرأة إلى
قبة البرلمان. وقد تم تصحيح آلية الكوطا في الانتخابات التشريعية المبكرة سنة 2011
حيث تم تخصيص 60 مقعدا بدلا من 30 التي كانت معتمدة في الاستحقاقات السابقة.
رغم كون المغرب خطى خطوات مهمة
في سبيل تدعيم حقوق المرأة وتمكينها من الولوج إلى مختلف مناصب المسؤولية، غير أنه
رغم كل هذه الخطوات، تبقى مشاركة المرأة في الحياة العامة محدودة ولا ترقى إلى
مستوى تطلعات النساء، ولا تعبر عما يزخر به المغرب من كفاءات نسائية في جميع
المجالات. بحيث لا يشكل وجود المرأة في مجلس النواب سوى 21%
بما مجموعه 81 امرأة من أصل 395 مقعدا برلمانيا، كما تبقى هذه النسبة ضعيفة إذا ما
استثنينا العدد الذي تم انتخابه عبر اللائحة الوطنية التي أفرزت 71 برلمانية، بحيث
لم يتم انتخاب سوى 10 نساء عبر اللوائح المحلية بنسبة 0.3%.
وبصفة عامة،رغم كون ضعف المشاركة السياسية للمرأة هي سمة غالبة على كل التجارب
المغاربية، إلا أن الأرقام المشار إليها في بلادنا تبقى ضعيفة إذا ما قارنها بالتجربة البرلمانية التونسية، حيث تصل
فيها تمثيلية النساء إلى 34.56% ..[2]
-
II-مشاركة المرأة على ضوء
دستور 2011 و القوانين التنظيمية الجديدة
أ- قبل 2021 – على المستوى الدستوري
والتشريعي
شكلت المراجعة الدستورية لسنة 2011، محطة هامة في تاريخ
المغرب، حيث ساهمت في النهوض بأوضاع المرأة المغربية، وذلك بسبب المتغيرات
الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي صاحبت ذلك التعديل، وفي إطار الالتزامات
الدولية خاصة في مجال حقوق الانسان وحقوق المرأة.
ومن بين أهم المستجدات الدستورية في مجال الإنصاف
والمساواة بين الجنسين، نجد من الناحية الشكلية للوثيقة الدستورية، أن مصطلح
المرأة تم ذكره في الدساتير السابقة في ثلاثة فصول، بينما عالج دستور 2011 ذلك في
تسعة فصول، بالإضافة إلى مساهمة المرأة المغربية في صياغة الوثيقة الدستورية كعضوة
مشاركة في اللجنة الاستشارية لصياغة الدستور، وكممثلة للأحزاب السياسية والنقابات
والمجتمع المدني.
ومن أهم
التعديلات الواردة في النص الدستوري ل 2011 والمتعلقة بالحقوق الأساسية للنساء نجد
ما يلي:
ü حظر ومكافحة كل أشكال التمييز؛
ü تفعيل المساواة ومشاركة المواطنين والمواطنات؛
ü إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز؛
ü تفعيل حق المواطنين والمواطنات في الاقتراح والمساءلة؛
ü تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية؛
ü تفعيل حقوق الفئات في وضعية هشة.
لقد أقر دستور فاتح يوليوز 2011 تمتع الرجل والمرأة” على قدم
المساواة، بالحقوق والحريات المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية
والبيئية…” (الفصل 19) وأكد سعي الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة[3]
بين الرجال والنساء؛ وتم إحداث هيئة دستورية هي هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال
التمييز (الفصل 146).
يتضح أن المغرب ومن خلال مقاربته التشريعية التي
تم إقرارها من أجل تنزيل مقتضيات الدستور وخاصة المقتضيات المتعلقة بالمناصفة لم
يعتمد على قانون جامع للمناصفة أو المساواة يسعى لتحقيق أهداف المقتضيات الدستورية
بل تبنى لحد الساعة سن مجموعة من القوانين تعمل على تحقيق مبدأ المناصفة، نذكر
منها:
-
القانون التنظيمي رقم 29.11
المتعلق بالأحزاب السياسية: نصت المادة 26 على أنكل حزب سياسي يعمل على
توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد، ولهذه الغاية
يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا
وجهويا، في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال. كما
نصتالفقرة 9منالمادة29 على أنه يجب أن ينص النظام الأساسي للحزب على مجموعة من
اللجان من بينها لجنة المناصفة وتكافؤ الفرص.
- القانون التنظيمي رقم
27.11 المتعلق بمجلس النواب: نجد أن هذا القانون وبالمقارنة مع القانون السابق قد
رفع من عدد مقاعد النساء في اللائحة الوطنية من 30 إلى 60 مقعد ضامنا بذلك تمثيلية
وحضور أكبر للنساء في مجلس النواب، حيث نصت المادة الأولى من هذا القانون التنظيمي
على إحداث دائرة انتخابية وطنية على صعيد تراب المملكة ينتخب في نطاقها 90 عضوا من
الأعضاء 395 الذين يتألف منهم مجلس النواب،
- القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين: نصتالفقرة التاسعة من المادة
24 على أنه: «يجب ألا تتضمن كل لائحة من
لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمترشحين اثنين من نفس الجنس"، 4
-
القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية: تنص المادة 76 من هذا القانون التنظيمي على إحداث دائرتين انتخابيتين على صعيد كل عمالة
أو إقليم أو عمالة أو مقاطعات تخصص إحداهما للنساء، على أن لا يقل عدد المقاعد
المخصصة لهن عن ثلث المقاعد المخصصة للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات
المعنية برسم مجلس الجهة وفق مقتضيات المادة 77 من نفس القانون؛ كذلك نصتالفقرة الأولى من المادة 143على أنه:"
زيادة على الدوائر الانتخابية المنصوص عليها في المادة 129 من هذا القانون
التنظيمي، تحدث على صعيد مجموع النفوذ الترابي لكل جماعة أو مقاطعة حسب الحالة
دائرة انتخابية تسمى " دائرة انتخابية إضافية"، . كما
تم التنصيص على إحداث هيئة
استشارية لدى كل مجلس جماعي تحمل اسم هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع،
تتكون من شخصيات جمعوية محلية وفعاليات المجتمع المدني باقتراح من رئيس المجلس. وبالتالي فإن هذه المقتضيات
تعد تطورا بالمقارنة مع القانون السابق بحيث تخول حضورا أكبر للنساء.
ومن أجل تعزيز التمثيلية
السياسية للمرأة في المجالس الجماعية وضعت الحكومة نظاما تحفيزيا ماليا للأحزاب
السياسية من أجل تخصيص مراكز متقدمة للنساء بمختلف لوائح الترشيح العادية وكذا
الدوائر التي ينتخب ممثلوها عن طريق الاقتراع الفردي.
كل ذلك ساهم في تطوير المشاركة السياسية للمرأة المغرية تطورا
ملموسا، إذ انتقلت نسبة المترشحات الجماعيات من 127 مستشارة جماعية سنة 2003 أي
بنسبة 0.56% إلى 3465 مستشارة جماعية سنة 2009 بنسبة 12.38%5وذلك بفضل إحداث دوائر إضافية في كل جماعة كما تم
إنشاء صندوق لدعم تمثيلية النساء والتي تطورت إلى 6673 عام 2015، أي أن عدد النساء
المنتخبات تقدم بنسبة 92.6 في المائة.
-
ب -على
ضوء القوانين التنظيمية الجديدة
سعيا منه إلى تعزيز حضور النساء في المؤسسات المنتخبة،
صادق البرلمان على أربع قوانين تنظيمية معدلة للقوانين التنظيمية المؤطرة للعملية
للانتخابية ككل.
1 - ومن أبرز ما جاء فيها، الإبقاء على نظام الكوتا بالنسبة للنساء، مع إلغاءه بالنسبة لفئة الشباب. غير أن
هذا التعديل الأخير، ربط استمرارية نظام الكوتا بأبعاد جهوية تدبيرية، حيث نصت
المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 04.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11
المتعلق بمجلس النوابعلى أنه " يتألف
مجلس النواب من 395 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع
باللائحة ويتوزعون كما يلي:
"- 305 عضوا ينتخبون على صعيد
الدوائر الانتخابية المحلية"
"-90 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية الجهوية وفق التوزيع
المبين في الجدول أدناه."
ومن أهم مستجدات الكوتا
الحالية، تعويض الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية، حيث سيتم توزيع
المقاعد المخصصة حاليا للدائرة الانتخابية الوطنية (90 مقعدا) على الدوائر
الانتخابية الجهوية وفق معيارين أساسين، يأخذ الأول بعين الاعتبار عدد السكان القانونيين
للجهة، ويحدد الثاني تمثيلية الجهة اعتبارا لمكانتها الدستورية في التنظيم الترابي
للمملكة. وفي هذا الإطار، سيتم تخصيص ثلاثة مقاعد كعدد أدنى لكل دائرة جهوية،
وتوزيع المقاعد المتبقية (54 مقعدا) بحسب عدد السكان، على ألا يزيد العدد الأقصى
للمقاعد على 12 في أكبر دائرة جهوية6.
الجدول : توزيع المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية الجهوية7
الدائرة
الانتخابية الجهوية |
عدد
المقاعد |
جهة طنجة-تطوان-الحسيمة |
8 |
جهة الشرق |
7 |
جهة فاس-مكناس |
10 |
جهة الرباط-سلا-القنيطرة |
10 |
جهة بني ملال-خنيفرة |
7 |
جهة الدار البيضاء-سطات |
12 |
جهة مراكش-آسفي |
10 |
جهة درعة-تافيلالت |
6 |
جهة سوس-ماسة |
7 |
جهة كلميم-واد نون |
5 |
جهة العيون-الساقية الحمراء |
5 |
جهة الداخلة-وادي الذهب |
3 |
وبهدف تأطير مشاركة النساء في هذه الدوائر الانتخابية الجهوية الجديدة، نص
القانون التنظيمي المعدل على اعتماد لائحة ترشيح موحدة على صعيد الجهة، بدون
تقسيمها إلى جزأين، ووجوب أن تشتمل كل لائحة ترشيح على أسماء مترشحات لا يقل عددهن
عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية، مما سيمكن من إدراج
أسماءمترشحين ذكور ضمنها في حدود ثلث المقاعد (شباب، أطر، أفراد الجالية). كما أقر
القانون التنظيمي رقم 04.01 بتخصيص المرتبتين الأولي والثانية في كل لائحة ترشيح
حصريا للنساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المحددة للدوائر
الانتخابية المحلية، واشتراط التسجيل في اللوائح الانتخابية لإحدى الجماعات
الواقعة في النفوذ الترابي للجهة المعنية بالترشيح لضمان تمثيلية جهوية حقيقية.
2-
بالنسبة للقانون التنظيمي رقم 06.21 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي
المتعلق بانتخاب مجالس الجماعات الترابية، فإن التعديلات المدخلة نصت على الرفع من
عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجالس الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع الفردي من 4
إلى 5 مقاعد في كل جماعة، في حين يخصص ثلث المقاعد للنساء في مجالس الجماعات التي
ينتخب أعضاء مجالسها بواسطة الاقتراع باللائحة، بما في ذلك مجالس الجماعات المقسمة
إلى مقاطعات. وبذلك، سترتفع نسبة التمثيلية النسوية على الصعيد الوطني من 21 في
المائة حاليا إلى أكثر من 26 في المائة.
3 - بالنسبة للقانون التنظيمي رقم 07.21 الذي يقضي بتغيير
القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، فإن التعديلات المسجلة
بخصوص دعم التمثيلية النسائية يتمثل أساسا فيما نص عليه من تعديلا هامة تهدف الى
وضع الآليات الملزمة للهيئات السياسية من أجلإدماج الشباب ذكورا وإناثا وكذا أفراد
الجالية في انتخابات مجلس النواب، ولهذه الغاية تم الاشتراط على كل حزب إدماج
مترشحة من الجالية ومترشحة شابة لا يزيد سنها عن 40 سنة على رأس لا ئحتين للترشيح
على الأقل...
وبهدف تحفيز الأحزاب السياسية على إدماج المزيد من المترشحين
الذكور من أفراد الجالية وكذا النساء في لوائح الترشيح المحلية فإن كل مقعد يفوز
به مواطن مقيم بالخارج او مترشحة بتزكية من الحزب يمنح هذا الأخير مبلغا من
التمويل العمومي يضاعف 5 مراتالمبلغ الراجع لكل مقعد بصفة عامة.
4- بالنسبة للقانون رقم 11.21 الذي يقضي بتغيير
القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات وتنظيم مراجعة استثنائية للوائح
الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية فإنه يتضمن تعديلا هاما يتعلق بضمان تمثيلية
النساء في الغرف المهنية عن طريق إقرار آلية تشريعية لتحقيق ذلك.
وفي هذا الإطار تم تخصيص عدد من المقاعد حصريا للنساء في كل
غرفة فلاحية، ويتحدد هذا العدد في مقعدين 2 اثنين بالنسبة للغرف التي لا يزيد عدد
أعضائها على 30 عضوا مع زيادة مقعد واحد عن كل 10 أعضاء بالنسبة للغرف التي يتجاوز
عدد أعضائها 30 عضوا، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد الاخرى التي
تشتمل عليها الغرف المذكورة.
من خلال ما سبق، يتضح أن هذه القوانين التنظيمية جاءت بعدة مستجدات من شأنها
الرفع بتمثيلية النساء على المستوين الوطني والجماعي، ولكن كل ذلك مرتبط أشد
الارتباط بمشاركة النساء في الانتخابات التشريعية والجماعية بشكل مكثف ومدى وعيهن
بهذه المستجدات الإيجابية في حق النساء ومدى تفاعل الأحزاب السياسية معها وتفعيلها
على أرض الواقع وكذلك بمستوى تجاوب الجسم الانتخابي بشكل معها وبلورتها على
المستوى السياسي.
[1]- ليلى الشافعي: الحركات النسائية والمجتمع المدني ،
مجلة آفاق ، العدد الأول، 1993، ص. 101.
[2]أما على مستوى المناصب الحكومية، ففي الوقت الذي كان منتظرا أن يعرف حضور
المرأة ارتفاعا مقارنة بحكومة عباس الفاسي سنة 2007 والتي ضمت سبعة وزيرات وكاتبات
دولة، فإن العكس هو الذي حصل، حيث لم تشمل الحكومة الأولى في ضل دستور 2011 سوى
امرأة وحيدة وواحدة، ليرتفع العدد في حكومة سعد الدين العثماني إلى أربعة وزيرات. وقس على ذلك في باقي المناصب السياسية وغيرها ممن تساهم في السيرورة
القرارية،
حيث حسب تقرير حديث حول الموارد البشرية مرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2021
حول
واقع الحضور النسائي في المناصب العليا، فإن المرأة لم تحظى سوى ب 137 تعيينا من
أصل 1160 منصبا، وهو ما يمثل 12% فقط من مجمل التعيينات منذ سنة 2012.
[3]-
نجيمة شقرو :الحركة النسائية في المغرب، من البحث عن الذات إلى المطالبة
بالمناصفة، مجلة الاستراتيجية العدد الثاني 2019، ص. 85-97.
4- على أن هذه الفقرة أغفلت حالة دعوة الخلف في حالة شغور مقعد وكيل اللائحة لأي سبب من الأسباب.
5مرسوم رقم 2.08.746 صادر في 2 محرم 1430(30 دجنبر 2008)
بتطبيق المادة 288 مكررة من مدونة الانتخابات المتعلقة بالدعم المخصص لتقوية قدرات
النساء التمثيلية بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية والمقدم في
إطار" صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء. ج.رعدد 5696 بتاريخ 1ـ1ـ2009،
ص:25.
6-توزيع المقاعد بشكل
يخول ثلاثة مقاعد للدائرة الانتخابية الجهوية أقل من 250 ألف نسمة، وخمسة مقاعد
للدائرة ما بين 250 ألف وأقل من مليون نسمة، وستة مقاعد للدائرة مابين مليون وأقل
من مليوني نسمة، وسبعة مقاعد للدائرة ما بين مليونين وأقل من 3 ملايين نسمة،
وثمانية مقاعد للدائرة الانتخابية ما بين 3 ملايين وأقل من 4 ملايين نسمة، و10
مقاعد للدائرة مابين 4 ملايين وأقل من 6 ملايين نسمة، و12 مقعدا بالنسبة للدائرة
الانتخابية التي تضم 6 ملايين نسمة وأكثر.
7- المادة 1 من القانون التنظيمي
رقم 04.21
إرسال تعليق
اترك تعليقا إن كان لك أي استفسار